سُورَةُ الكَهْفِ ( الجُزْءُ الثَّانِي )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً، اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤكَ في اَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا .
☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
تأويلها /
☆فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا
اي لعلك تهلك نفسك لتترك أثراً على هؤلاء الذين لا يؤمنون ( بالقائم ) وأتباعه .. والذي سيكون حديث العالم .
☆إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
هذا قول ( آل الله ) إذ جعلوا ما على الأرض من زينة للأرض ..
فهنالك زينة للسماء وزينة للأرض ... ظاهرة وباطنة .
أما الزينة الظاهرية للسماء
( فالنجوم والكواكب والابراج )
فقوله تعالى :
١- وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ
٢- إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
٣- فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
٤- أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
٥- وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ
أما الزينة الباطنة للسماء ..
فهي ( آل الله ) .
واما زينة الارض الظاهرية فهي
( كل جبل ونهر وشجر وحيوان ... وما تقله الأرض )
١- قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٢- وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ
٣- وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
٤- الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا
٥- اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
أما الزينة الباطنية
فهم ( الأولياء ) .. القائم وأولياؤه .
فيكون تأويلها ...
☆إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
هؤلاء ( الأولياء ) هم البلاء الذي سَيُمَيْزُ بهم بين الذي يعمل ( العمل الصالح ) "١" باتباعهم وبين الذي يعمل السوء بمخالفتهم وانكارهم .
"١" هو العمل الذي يصلح الأرض بعد فسادها .
☆ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا
صعيدا .. الظاهر من الأرض
الجرز .. المجمع أو المجتَمِع
اي إنا لجاعلون ما على الأرض من ( الأولياء ) ظاهرين مجتمعين بعد خفائهم .. إذ تأتي ( جرزا ) بمعنى لا نبات فيها وهي دلالة على الخفاء .
☆أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا
الكهف ( المهدي )
الزيارة الجامعة ( وَأُولِي الْحِجَى وَ كَهْفِ الْوَرَى )
الرقيم ( القائم ) ..
وعلة تلك الصفة من حيثيات ثلاث :
الحيثية الاولى : إنه المرقم لأوليائه وأسمائهم .
الحيثية الثانية : إنه مختوم من قبل المهدي .
الحيثية الثالثة : إنه حامل الرقيم ( اللوح ) اي ( منهج المعصوم ) .
فيكون المعنى ..
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ المهدي وَالقائم كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ..
فهؤلاء آيات ( آل الله ) والعلامات الدالة عليه .
☆إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا .
صفة هؤلاء ( الأصحاب ) أو ( الأولياء ) إنهم فتية ..
اي إنهم أقوياء في العلم .. شديدي البأس .. وإن كانوا غير ظاهرين .. ومخفيين عن الأنظار ..
لا فتى إلا علي .. فهم أتباع منهج علي وآل علي .. وهم الذين أمنوا ( بالمهدي ) .. وهو المربي لهم عبر القائم .
فيطلبون الرحمة من الرب ...
اي العلم اللدني الباطني .. والإتصال بالرب والقرب منه .. عبر ( الإيحاء ) ..
كما جاء في نفس السورة حاكيا قصة موسى والعبد ..
قال تعالى :
فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ..
فيكون المعنى /
إِذْ أَوَى ( الأولياء ) إِلَى ( المهدي ) فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ( العلم اللدني للإتصال "" الإيحاء "" ) ..
وأما قولهم ..
وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ..
اي هيىء لنا الأوامر الملقاة إلينا والمنهج القويم الذي يهدي إلى الرشد ويسر لنا مهامنا في السر والعلن .. فأمرك ومنهجك امرنا ومنهجنا ... وهو منهج خاص .
☆فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ..
اي أوحينا إليهم .. وليس معناها سلطنا عليهم النوم إذ إنه لا توجد قرينة تثبت إرتباط السمع بالنوم .. فلو كان كذلك لما سمع النائم صوت من يوقظه من نومه !
وهنا إشارة إلى إن الضرب على آذانهم مرتبط بالسنين المعدودة وهو ضرب معنوي لآذان القلب .. اي ( الإيحاء )
اي المعنى يكون ...
أوحينا إليهم ( في المهدي ) سنين عددا .. والسنين ها هنا معدودة ...
فالضرب ها هنا ليس هو اللبوث في ( الكهف ) ومدة بقائهم بدليل :
قوله تعالى / ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا
لأن الأمد لفظ مقارب للأبد إلا إنه له حد خلاف لفظ الأبد .. بل هو لفظ يدل على الماضي .. كأن تقول منذ أمد بعيد ..
فلا يحتمل على كون سنين عددا توصف بالأمد .
لذا يكون المعنى كالآتي:
فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ..
أوحينا إليهم عبر سنين معدودة .. وهو لفظ دلالته على كون الدعوة السرية ( لأصحاب الكهف والرقيم ) سنين معدودة ... بدليل الآية التي بعدها وهي إشارة الإنتهاء الدعوة السرية وبداية الدعوة العلنية ..
قال تعالى :
☆ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ / دليل على البعث الخا ...
وقوله : أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ
إشارة لمن كان من حزب الله ومن كان من حزب الشيطان ..
وقوله :
لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ...
دلالة على ( الأدوار والاكوار ) لكلا الحزبين .
إنتهى ..
خَادِمُ آلِ اللهِ
(سر الأسرار الإلهية)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اطرحوا تعليقاتكم و نحن في خدمتكم